نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 330
أو أتأتون أنتم- من بين من عداكم من العالمين- الذكران، يعنى أنكم يا قوم لوط وحدكم مختصون بهذه الفاحشة. والعالمون على هذا القول: كل ما ينكح من الحيوان مِنْ أَزْواجِكُمْ يصلح أن يكون تبيينا لما خلق [1] ، وأن يكون للتبعيض، ويراد بما خلق: العضو المباح منهنّ.
وفي قراءة ابن مسعود: ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم، وكأنهم كانوا يفعلون مثل ذلك بنسائهم. العادي: المتعدّى في ظلمه، المتجاوز فيه الحدّ، ومعناه: أترتكبون هذه المعصية على عظمها، بل أنتم قوم عادون في جميع المعاصي، فهذا من جملة ذاك، أو بل أنتم قوم أحقاء بأن توصفوا بالعدوان، حيث ارتكبتم مثل هذه العظيمة.
[سورة الشعراء (26) : آية 167]
قالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167)
لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ عن نهينا وتقبيح أمرنا لَتَكُونَنَّ من جملة من أخرجناه من بين أظهرنا وطردناه من بلدنا، ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوإ حال: من تعنيف به، واحتباس لأملاكه [2] . وكما يكون حال الظلمة إذا أجلوا بعض من يغضبون عليه، وكما كان يفعل أهل مكة بمن يريد المهاجرة. [1] قال محمود: «يحتمل أن يكون من أزواجكم بيانا لما خلق، وأن يكون للتبعيض ويراد به العضو المباح منهن. وفي قراءة ابن مسعود: ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم، فكأنهم كانوا يفعلون ذلك بنسائهم» قال أحمد:
وقد أشار الزمخشري بهذه الاشارة للاستدلال بهذه الآية على حظر إتيان المرأة في غير المأتى، وبيانه أن «من» لو كانت بيانا لكان العنى حينئذ على ذمهم بترك الأزواج، ولا شك أن ترك الأزواج مضموم إلى إتيان الذكران» وحينئذ يكون المنكر عليهم الجمع بين ترك الأزواج وإتيان الذكران، لا أن ترك الأزواج وحده منكر، ولو كان الأمر كذلك لكان النصب في الثاني متوجها على الجمع، وكان إما الأفصح أو المتعين، وقد اجتمعت العامة على القراءة به مرفوعا، ولا يتفقون على ترك الأفصح إلى ما لا مدخل له في الفصاحة أو في الجواز أصلا، فلما وضح ذلك تبين أن هذا المعنى غير مراد، فيتعين حمل «من» على البعضية، فيكون المنكر عليهم أمرين كل واحد منهما مستقل بالإنكار، أحدهما: إتيان الذكران. والثاني: مجانبة إتيان النساء في المأتى رغبة في إتيانهن في غيره، وحينئذ يتوجه الرفع لفوات الجمع اللازم على الوجه الأول، واستقلال كل واحد من هاتين العظيمتين بالنكير، والله الموفق. [.....] [2] قال محمود: «أى من جملة من أخرجناه، ولعلهم كانوا يخرجون من أخرجوه على أسوأ حال من تعنيف به واحتباس لأملاكه وأشباه ذلك» قال أحمد: وكثيرا ما ورد في القرآن خصوصا في هذه الصورة العدول عن التعبير بالفعل إلى التعبير بالصفة المشتقة، ثم جعل الموصوف بها واحدا من جمع، كقول فرعون لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ وقولهم سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ وقولهم لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ وقوله إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقالِينَ وقوله تعالى في غيرها رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وكذلك ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ وأمثاله كثيرة، والسر في ذلك والله أعلم: أن التعبير بالفعل إنما يفهم وقوعه خاصة، وأما التعبير بالصفة ثم جعل الموصوف بها واحدا من جمع، فانه يفهم أمرا زائدا على وقوعه، وهو أن الصفة المذكورة كالسمة لموصوف ثابتة العلوق به، كأنها لقب، وكأنه من طائفة صارت كالنوع المخصوص المشهور ببعض السمات الرديئة، واعتبر ذلك لو قلت: رضوا بأن يتخلفوا، لما كان في ذلك مزيد على الاخبار بوقوع التخلف منهم لا غير. وانظر إلى المساق وهو قوله رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ كيف ألحقهم لقبا رديئا، وصيرهم من بوع رذل مشهور بسمة التخلف، حتى صارت له لقبا لاصقا به، وهذا الجواب عام في جميع ما يرد عليك من أمثال ذلك، فتأمله واقدره قدره، والله الموفق للصواب.
نام کتاب : تفسير الزمخشري = الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل نویسنده : الزمخشري جلد : 3 صفحه : 330